والحديث ثابت في المسند، وسنن أبي داود، ومستدرك الحاكم من رواية أبي هريرة -رضي الله عنه-، وثابت في المسند، ومعجم الطبراني الكبير والأوسط من رواية سيدنا عبد الله بن عباس -رضي الله عنهما- وثابت من رواية أمير المؤمنين عمر وابنه عبد الله بن عمر ومن رواية جابر بن عبد الله ومن رواية حاطب بن أبي بلتعة فهو مروي من طريق سبعة من الصحابة الكرام -رضي الله عنهم أجمعين- باللفظ المتقدم.
إخوتي الكرام: وهذه المغفرة للذنوب المتقدمة والمتأخرة، تُحمل على معنيين اثنين كما قرر ذلك حذامي المحدثين وأمير المؤمنين الحافظ ابن حجر -عليه وعلى أئمتنا رحمة ربنا-.
المعنى الأول: من عمل طاعة من هذه الطاعات الثلاث وغيرها التي يغفر للإنسان بها ما تقدم من ذنبه وما تأخر، كما تقدم معنا في أول الموعظة، من عمل شيئا منها وقبلت طاعته عند الله، سيحفظ بعد تلك الطاعة من المعاصي والمخالفات والموبقات وله صك عند رب الأرض والسموات بأنه سيوافي ربه بالإيمان، ولن يحصل منه ارتداد وكفران، فإن قيل هل يلزم من هذا أن يكون معصوماً من الذنوب والأوزار؟ لا ثم لا وهذا يتضح في الجواب الثاني فإن جرى منك زلل حسبما لا تنفك عنه طبيعة البشر فذلك يقع مغفورا بفضل الله -عز وجل- إنما إذا قبلت الطاعة من هذه الطاعات التي بلغت ـ كما قلت ـ اثنتين وعشرين طاعة من فعل واحدة منها غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر إذا قمت بها وقبلت عند الله جل وعلا لوجود الشروط المعتبرة فيها فقد صار لك عند الله عهد وثيق وصك محكم بأنك ستوافي ربك بالإيمان ولن يحصل منك ارتداد وكفران كما هو الحال في أهل بدر الكرام بقي الأمر الثاني إن وقع منك زلل حسبما لا تنفك عنه طبيعة البشر يقع ذلك مكفرا مغفورا بفضل الله -عز وجل- ولذلك معنى قول نبينا -عليه الصلاة والسلام- لأهل بدر -رضي الله عنهم وأرضاهم وجزاهم الله عن الإسلام وعنا خير الجزاء وملأ قبورهم نورا وقلوبهم بهجة وسرورا-.