إخوتي الكرام: وهذا الأمر الرابع قبل أن أتكلم عليه تكلمت على الأمر الثالث وهو أن الجوارح ينبغي أن تسكن وأن تخشع كما خشع الباطن ينبغي أن يخشع الظاهر وعليه ينبغي أن تضبط عينيك وأن تضبط فمك وأن تضبط جميع جوارحك وأن تكون في سكون وخشوع وإخباتٍ لله -جل وعلا- وكنت أشرت على سبيل الإجمال أن النظر ينبغي أن يكون إلى محل السجود وقد سأل عدد من الأخوة عن هذا الأمر ولذلك أرى أن أتكلم عليه وهو يتعلق بالأمر الثالث ثم نتدارس الأمر الرابع إن شاء الله -عباد الله- إذا قام الإنسان للصلاة فينبغي ألا يُفَرِق نظره كما تقدم معنا إلى أي جهة من الجهات وينبغي أن يكون نظره موضع سجوده وقد وردت في ذلك أحاديثَ وآثارً ضعيفة تعتضد ببعضها فترتقي إلى درجة القبول بإذن الله -جل وعلا- من هذه الآثار ما رواه الإمام الطبري في تفسيره، ورواه ابن أبي حاتم، وابن المنذر، وعبد بن حميد في تفاسيرهم، رواه الحاكم في المستدرك، والبيهقي في السنن والأثر، ورواه الإمام الحازمي في الناسخ والمنسوخ، وسعيد بن منصور في السنن أيضاً عن محمد بن سيرين شيخ الإسلام والأثر مرسل وإسناده صحيح إلى محمد بن سيرين -عليهم جميعاً رحمات رب العالمين- قال: كان الصحابة الكرام ومعهم نبينا -عليه الصلاة والسلام- في أول الأمر إذا قاموا إلى الصلاة رفعوا رؤوسهم ونظروا فوقهم وتَلَفَّتوا يميناً وشمالاً فأنزل الله {قَدْ أَفْلَحَ المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ} يقول محمد بن سيرين في هذا الأثر فلما نزلت هذه الآية طأطأو رؤوسهم وفي رواية طأطأ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه ونكّس رأسه والصحابة الكرام رضوان الله عليهم أجمعين كانوا على هذا الأمر فحنَوْ رؤوسهم كما في بعض الروايات.