ب) الثاني: نستفسر عن المراد من تلك الألفاظ التي لم يرد إثباتها ولا نفيها فإن وافق مدلولها ما جاءت به نصوص الشرع المطهر، صح إطلاقها على الله – جل وعلا – من باب الخبر، لأن باب الإخبار عن رب البريات، أوسع في الكلام عما له من أسماء والصفات، وضابط ذلك ما قدمته: أن كل لفظ مدلوله ما ورد في النصوص الشرعية صح أن يخبر به عن رب البرية، كما أفاد ذلك الإمام ابن القيم الجوزية – أسكنه الله غرف الجنان العلية (?) .
وإليك تفصيل الكلام، في لفظين فقط، حسبما قرر شيخ الإسلام – عليه الرضوان:
اللفظ الأول: لفظ الجهة:
لم يرد في النصوص الشرعية، إثبات للفظ الجهة لرب البرية ولا نفيه عن ذاته العلية، فيستفسر أهل السنة عن المواد من تلك اللفظة ثم يحكمون عليها حسبما تقتضيه شريعة الله الغراء السمحة.
فلفظ الجهة إن أريد به شيء موجود غير الله، فتكون الجهة مخلوقة، كما إذا أريد بها نفس العرش، أو نفس السموات، فلا يصح إطلاق ذلك اللفظ على الله – جل وعلا –، ولا الإخبار به عنه، فهو باطل لأن الله – عز وجل – ليس في شيء من مخلوقاته.
وإن أريد بلفظ الجهة ما ليس بموجود غير الله – جل وعلا – كما إذا أريد به ما فوق العالم فلا مانع من إطلاق ذلك اللفظ على الله – جل وعلا –، والإخبار به عنه، لأنه ليس فوق العالم شيء مخلوق، فليس فوق المخلوقات إلا رب الأرض والسموات، والله – جل وعلا – فوق عرشه على سمواته، مباين لمخلوقاته.