وثبت في الصحيحين أيضاً وسنن أبي داود من حديث أسامة بن زيد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابن حبّه رضي الله عنهما وعن سائر الصحابة أجمعين. قال: [بعثنا النبي - صلى الله عليه وسلم - بسرية فنذروا (?) فتفرقوا وانصرفوا. فلقينا واحداً منهم، فتبعناه فلما غشيته وتجليته بالسيف قال: أشهد ألا اله إلا الله. قال أسامة. فضربته فقتلته. ثم جئت إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبرته. فقال النبي علية الصلاة والسلام: من لك بلا اله إلا الله، وصار من الموحدين كيف قتلته؟ [فقلت يا رسول الله ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ: إنما قالها مخافة السلاح] وحقيقة عنده قرينة علي أنه قالها مخافة السلاح، يضاف إلي هذا عنده قرينه أخري، أنه قال هذه الكلمة إيمان المضطر، كإيمان فرعون، فصار حاله كحال المحتضر إذا وصلت روحة إلى الحلقوم علي حسب اجتهاده. أي هذا ما بقي علية إلا لحظات حتى تقطع رقبته ويموت فإذن إيمانه إيمان اضطراري ليس فيه اختيار. فلا يقبل عند العزيز الغفار، فعند أسامة - رضي الله عنه - شيء من التأويل؟. فقال النبي علية الصلاة والسلام: [أفلا شققت عن قلبه لتعلم مِنْ أجل ذلك قالها أم لا؟ ثم أعاد النبي علية الصلاة والسلام عليه: من لك بلا اله إلا الله يا إسامة.. حتى قال أسامة - رضي الله عنه -: تمنيت أنني لم أكن أسلمت إلا يومئذ لعظم معاتبته النبي علية الصلاة والسلام إياي] مع انه ـ إخوتي الكرام ـ كما قلت عنده قرينه واضحة علي انه قالها مخافة السلاح. عندنا بعد ذلك تعليل ثان علي أنه قالها في حال الاضطرار فحاله كحال فرعون فإيمانه لا يقبل. لكن هل نحن نعلم ما في القلوب؟ لا يعلم هذا إلا علام الغيوب لنا الظاهر والله يتولى السرائر: فإذا قال لا اله إلا الله كفّ عنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015