العرب يتمدحون بهذا، هذا حال الكرام. إذا وعد يفى، وإذا أوعد يخلف، لأن كل وعد عند الكريم مقيد بعدم المغفرة. يقول: أنا سأفعل بك وأفعل إلا إذا عفوت هنا مقيد بمشيئتي. هذا بخلاف الإنزال في هذا الحين. إذا وعدك لا يفي، وإذا أوعدك يزيد فى عقوبتك. تستدعي من قبل من لا يخالفون الله. يقولون. مجرد تحقيق. وقد نعطيك كرامة بعد ذلك. تعال لننظر ونتباحث. فتذهب. ليت الأمر يقتصر على سب وشتم. ترى ما لا يخطر ببالك. الوعيد يضاعفه الوعد يخلفه.

جاء مرة بعض العتاة إلى بعض المسجونين من المؤمنين في بعض السجون ودخل عليهم بصورة طبيب لينظر إلى أحوال هؤلاء المسجونين. ووضع المعاملة لهم. وماذا عندهم من تذمر لأجل أن يفطم ألسنتهم. فيمر عليهم. مَرّ عل إنسان ومعه السماعة ـ علي أنه طبيب ـ يقول: ماذا بكم؟ كل واحد يقول: أنا سليم بالمائة مائة، لئلا يخبره , لأنهم يعرفون أساليبهم. يقول أنا مرض فيزداد في ضربه. فجاء إلى بعض الناس الذي يظهر أنه حديث عهد بالسجون. قال: مالك؟ قال: ضربوني ضربوني حتي أن أذني هذه ما بقيت أسمع بها. قال: هذه ما تسمع بها؟ قال: ما أسمع. فرقع يده وصفعة علي الثانية فأصم له الثانية؟ !! هذا الذي جاء ليعالج!! هذا حال المؤمنين. والله إن السائمة أرفع قدرا في هذه الحياة من حال المؤمنين الذين ينكبون ويعذبون يشتكي لك بصورة طبيب وهو يتظاهر بالطب. إنما لينظر هل فيهم من يتذمر؟ فضربه علي الثانية فأفقده سمعه!.

ثم قال له (?) ألم تسمع إلى قول الأخر:

إذا وعد السراء أنجز وعده ... وإن أوعد الضراء فالعفو مانعه

ألم تسمع إلى هذا؟ العرب يتمدحون بهذا. فرب العالمين من باب أولي إذا لم يوقع وعيده على من توعده. هل يقال: كذاب أو يقال كريم؟ كريم. لأن هذا الوعيد مقيد في الأصل بمشيئة. إن شاء غفر له. وإن شاء عاقبه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015