3. والمعنى الحق ـ وهو الثالث ـ وهو الذي علية أهل السنة الكرام في أن الاستثناء هنا استثناء منقطع فهو يتعلق بالمستثنى منه يتعلق بجنسه لا بنفسه ولفظه فالله يقول: الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ. الاستثناء من الذنوب العامة على وجه العموم لا من الاجتناب. الذنوب إذن تشمل كبائر وتشمل صغائر. فما عاد الاستثناء إلى الكبائر حتى نقول: إلا أي إلا بعض الكبائر لا. إنما عاد الاستثناء إلى جنس الذنوب وقلنا في حالة الاستثناء المنقطع يعود إلى المستثني منه إلي جنسه لا إلي نفسه ولفظه. هذا كقول الله جل وعلا ((لَا يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْوًا وَلَا تَأْثِيمًا. إِلَّا قِيلًا سَلَامًا سَلَامًا)) (?) السلام ليس من جنس اللغو. لكن اللغو كلام والسلام كلام. فكان الاستثناء المنقطع هنا عاد إلى المستثنى منه. إلى جنسه لا إلى لفظة ولا إلى نفسة فالسلام ليس بلفظ كأنه يقول: لا يسمعون كلاماً إلا سلاماً. لو قال: إلا سلاماً لكان متصلاً. لكن لما قال: لا يسمعون لغواً إلا سلاماً. لا يسمعون لغواً لكن يسمعون سلاماً. كيف حسن استثناء السلام من اللغوا. نقول: منقطع فاستثنى من جنس لا من لفظه ونفسه. وهنا كذلك فاستثنى اللمم من جنس الذنوب لا من كبائر الإثم والفواحش.
إذن ((الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ)) لكن يغفر لهم ويتجاوز عنهم إذا وقعوا في لمم فلا يضرهم ورحمة الله واسعة.
هذا اللمم الذي يغفر لهم وهو استثناء منقطع اختلف فيه أيضاً أهل السنة على قولين (?) :
1. انه اللمم الذى لا اختيار للإنسان فيه. وفسروه بأمرين أيضاً: