إذن خطرة في قلبك تبعها فكرة. بدأت تفكر. تبعها بعد ذلك شهوة. تبعها عمل وفعل تبعها عادة وديدن ومواظبة كم يصعب على الإنسان أن يترك الأمر بعد أن يعتاد عليه؟ وكم يسهل عليه أن يدفعه في البداية عندما يكون خاطراً خطر بباله! وكما سنذكر أن ما يقع في النفوس يمر بخمسة مراحل: أولا الهاجس ثم الخاطر ثم حديث النفس ثم الهمّ ثم العزم. فالأول دفعه ما أيسره ولذلك إذا خطر ببالك شيء من وساوس الشيطان فاختصر الطريق ولا داعي لمجاهدة كثيرة قل مباشرة كما قال الله ((وَإِمَّا يَنزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)) (?) ((فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)) (?) .
استعذ بالله وانته. إذا ما فعلت هذا فينتقل الأمر لفكرك لتفكر فيه وتبحث فيه ويرسخ ما فعلت وأزلته من فكرك سيصبح شهوة راسخة في نفسك ما دفعته سيصبح عملاً في حيز الوقوع ما دفعته بنقيضه وكففت نفسك عنه سيصبح خلقاً لك لازماً وعادة ثابتة هيهات هيهات أن تقلع عن ذلك.
إذن أولها الخطرات. راقب خطرات القلب من البداية. يأتي بعد الخطرات النظرات. اللحظات النظرة حقيقة أوله أسف وآخرة تلف. أول ما ينظر يتأسف فيرى لا ما كله هو قادر عليه ولا عن بعضه هو صابر فيتأسف وعندما يطلق نظره أن أملقه للأغنياء يهتم ما عنده أموال كما عندهم وإن أطلق نفسه للنساء يهتم أنه ما يستطيع أن يتصل بهن ويقع في عناء وبلاء.. أسف وآخرة تلف (?) .
كل الحوادث مبدأها من النظر ... ومعظم النار من مستصغر الشرر
يسر فعلته ما ضر مهجته ... لا مرحباً بسرورعاد بالضرر
والمرء ما دام ذا عين يقلبها ... في أعين العلم موقوف علي الخطر