.. وقال الإمام ابن القيم – عليه رحمة الله تعالى –: والسلف مجمعون على هذا، وقد تواترت عنهم الآثار بأن الميت يعرف زيارة الحي له، ويستبشر به، وسرد في تقرير ما قاله عنهم، وقائع كثير صدرت منهم، فمن ذلك قوله: وصح عن حماد بن سلمة من ثابت عن شهر بن حوشب أن الصعب بن جثامة وعوف بن مالك كانا متآخين، قال صعب لعوف: أي أخي أينا مات قبل صاحبه فليتراء له، قال: أو يكون ذلك؟ قال: نعم، فمات صعب فرآه عوف فيما يرى النائم كأنه قد أتاه. قال قلت أي أخي، قال: نعم، قلت: ما فعل بكم. قال: غفر لنا بعد المصائب، قال: ورأيت لمعة سوداء في عنقه، قلت: أي أخي ما هذا؟ قال: عشرة دنانير استسلفتها من فلان اليهودي، فمن في قرني فأعطوه إياها، واعلم أخي أنه لم يحدث في أهلي حدث بعد موتي إلا قد لحق بي خبره، حتى هرة لنا ماتت منذ أيام، واعلم أن ابنتي تموت إلى ستة أيام، فاستوصوا بها معروفاً، فلما أصحبت، قلت: إن في هذا لمعلماً، فأتيت أهله، فقالوا: مرحباً بعوف، أهكذا تصنعون بتركة إخوانكم، لم تقربنا منذ مات صعب، قال: فاعتللت، بما يعتل به الناس، فنظرت إلى القرن فأنزلته، فانتشلت ما فيه، فوجدت الصرة التي فيها الدنانير، بعثت بها إلى اليهودي، فقلت: هل كان لك على صعب شيء؟ قال: رحم الله صعباً كان من خيار أصحاب رسول الله – صلى الله عليه وسلم – هي له، قلت: لتخبرني، قال: نعم، أسلفته عشرة دنانير فنبذتها إليه، قال: هي – والله بأعيانها، قال: قلت هذه واحدة.

... قال: فقلت هل حدث فيكم حدث بعد موت صعب؟ قالوا: نعم، حدث فينا كذا، قال: قلت اذكروا، قالوا، نعم، هرة ماتت منذ أيام، فقلت: هاتان اثنتان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015