والإنابة إلى دار الخلود يشتاق إلى مسكنه الحقيقي: نحن خلقنا ربنا إخوتي الكرام لا لنستقر في هذه الحياة، الدار ممر ليست دار مقر، دارنا التي سنستقر فيها هي الآخرة، والدنيا دار من لا دار له، ومال من لا مال له، ولها يجمع من لا عقل له والإنابة إلى دار الخلود، ولاستعداد للموت قبل نزوله: وعليه إذا أردت أن تعلم هل سكن النور قلبك، وهل حصل الشرح في صدرك فاعرض نفسك على الموت، هل تحب الموت، وإذا قيل لك ستموت هذه الليلة تقول مرحباً بلقاء الله، إذا كان هذا فيك حقيقةً فقل لنفسك وبشرها وقل آمنت بالله حقاً ورضيت بنبيه عليه الصلاة والسلام إماماً صدقا، وأنا أعبد الله ولا أشرك في عباده شيئا، وإذا قيل لك ستموت هذه الليلة فقل يا عباد الله هاتوا الأطباء وابحثوا عن طريقة لعل الحياة تمتد ... إعلم أن حالتك ليست مرضية وعندما تموت {ستقول رب ارجعون لعلي أعمل صالحاً} فيقال لك {كلا إنها كلمة هو قائلها} {أولم نعمَّركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير}
إخوتي الكرام:
إن أعظم ما يزفه إلينا ربنا الرحمن ويتحفنا به في هذه الحياة بعد أن رضينا به ربا وبنبيه عليه الصلاة والسلام، وبالإسلام دينا، بعد أن آمنا به واتبعنا نبيه عليه الصلاة والسلام، وأخلصنا العمل له، إن أعظم ما يتحفنا به الموت، وكيف لا وهو يجسرٌ يوصل الحبيب إلى حبيبه، ولذلك ثبت في مستدرك الحاكم ومعجم الطبراني الكبير والحديث في كتاب الحلية لأبي نعيم رواه عبد الله بن المبارك في كتاب الزهد، وإسناد الحديث صحيح عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول [تحفة المؤمن الموت] تحفة المؤمن الموت يعني الهدية العظيمة التي تأتيه من الله أن يموت، وكان بعض الصالحين يقول (والله ما مؤمن إلا الموت خير له، اقرؤوا ما شئتم {وما عند الله خيرٌ للأبرار} .