الأمر الرابع: المؤمن يعلم أن لذات الدنيا أن هذه اللذات لذات خسيسة زائلة منقضية، الطعام الذي نأكله يقول أئمتنا ما جاوز اللسان فهو نتان. هذه اللذة التي نتلذذ بها ما دامت في الفم تمضغ إذا ذهبت بعد اللسان إلى المعدة تتحول إلى شيء كريهٍ المنظر قبيح الرائحة، ولو أخرج الإنسان الطعام الذي من جوفه وطرحة على المائدة لعفا الناس الطعام وقاموا عنه، ما جاوز اللسان نتان، إذا كانت لذات الدنيا لذات خسيسة، لذات زائلة لا ينهمك فيها ولا يفرح بها إن أقبلت ولا يحزن عليها إن أدبرت {لكي لا تأسو على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم} .
المؤمن بعد ذلك وهذا خامس التعليلات لبيان طيب الحياة في المؤمنين والمؤمنات في الحياة الدنيا يعلم أن الدنيا زائلة منقضية فلا يميل إليها ولا يعانقها معانقة العشاق، إنما يأخذ منها ما يحتاجه إليه، وإذا جاءه شيء منها جعله مطية له إلى آخرته، فحقيقة هو في سعادة وفي حياة طيبة {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة} فعل المأمور ـ ترك المحذور ـ صبر ورضي بالمقدور حقيقة في حياة طيبة، إذا خرج عن صراط الله المستقيم تنكد في هذه الحياة وأبى الله إلا أن يزل من عصاه عاجلاً وآجلاً.