.. ومن المعلوم لذي العقول والفهوم أن الروح ليست من جنس هذا البدن، ولا من جنس عناصر المخلوقات من التراب والماء، والنار والهواء، ولا من المولدات من تلك العناصر، بل هي من جنس آخر مخالف لهذه الأجناس، فهي مما استأثر بعلمه رب الناس، كما قال ربنا – جل وعلا – {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} الإسراء85، ثبت في الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن مسعود – رضي الله تعالى عنه – قال: بينما أنا أمشي مع النبي – صلى الله عليه وسلم – في خِرَبِ المدينة – وهو يتوكأ على عسيب معه – فمر بنفر من اليهود فقال بعضهم: سلوه عن الروح، وقال بعضهم: لا تسألوه، لا يجيء فيه بشيء تكرهونه، فقال بعضهم: لنسألنه، فقام رجل منهم، فقال: يا أبا القاسم – صلى الله عليه وسلم – ما الروح؟ فسكت بعلمت أنه يوحى إليه، فقمت من مقامي، فلما نزل الوحي، فقال: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُم مِّن الْعِلْمِ إِلاَّ قَلِيلاً} الإسراء85 (?) .