هذا الأمران إخوتى الكرام نهاية هذه الآية (ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون) هم خرجوا ليتفقهوا (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا فى الدين) الأصل أن يقول وليفقهوا قومهم إذا رجعوا إليهم بعد أن تعلموا يعنى نفروا للتفقه فبعد أن حصلوا الفقه ينبغى أن يفقهوا الجاهلين هذا الأصل فذر الله بدل هذا وليفقهوا قولهم ولينذروا قومهم للإشارة إخوتى الكرام إلى كمال شفقة الفقيه والعالم وطالب العلم وأن مقصوده من تفقيه الناس فى دين الله الحذر عليهم من غضب الله ومن سخط الله لينذروا قومهم إذا هو منذر وتقدم معنا إعلام مقترن بتخويف وزجر ويكون هذا من أمر مخيف فإذا هو مشفق عليهم
كما قال العبد الصالح مالك ابن دينار عليهم رحمة العزيز الغفار (لو كان لى أعوان لأرسلتهم فى الأمصار ينادون النار النار)
وهنا لينذروا قومهم إذا مقصودهم شفقة عليهم فجاؤوا لينذروهم ليخلصوهم من غضب الله جل وعلا ومقصود من يتعلم منهم ما هو ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون فمقصود أيضا أولئك ليكون مقصودهم من هذا الإنذار أيضا الحذر من غضب الله وسخطه
وحقيقة العلم إذا لم تكن هذه نتيجته فلا خير فيه نتعلم لنحذر الناس من سخط الله والناس يتعلمون من أجل أن يحذروا سخط الحى القيوم لا لمباهاة فى الدنيا ولا لمناصب ولا غير ذلك من عروضها الزائلة هذا المعنى الأول الذى أحب أن أنبه عليه فى بدء هذه الموعظة
المعنى الثانى إخوتى الكرام ذكرته فى الموعظة الماضية وقلت سأذكره فى أول هذه الموعظة بعون الله وتوفيقه فيما تعلق بكلمة لولا (فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة)
كلمة لولا إخوتى الكرام تأتى فى القرآن الكريم لمعنيين اثنين