{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لَا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَن يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيَامَةِ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فصلت40.
الأدلة المحكمة الحِسان على صحة طريقة أهل السنة الكرام، في إيمانهم بصفات ربهم الرحمن:
... إن الأدلة الدالة على صحة تلك الفرقة الجليلة، في إيمانهم بصفات ربهم الكريمة الجميلة، كثيرة غزيرة، وهي محكمة البيان، ثابتة الأركان، سأقتصر منها على أصلين أصيلين وعلى مثلين مضروبين، ليزول عن القلوب الران والفَيْن، ويتضح الحق لذي عينين، فدونك التفصيل والبيان، وما توفيقي إلا بالرحيم الرحمن:
الأصل الأول: الإيمان بالصفات، كالإيمان بالذات:
... وتقرير ذلك الأصل عند أهل العقول الزاكيات، أن الصفات تتبع الموصوفات، فالكلام فيها فرع الكلام في الذات، فهذا هو الذي تقتضيه العقول الصريحات، وتقدم تقرير هذا عن الأئمة الثقات، في أول مبحث طريقة إيمان أهل السنة بالصفات.
... وقد أجمع أهل الإيمان، أن إيماننا بذات الرحمن، يقوم على ثلاثة أركان، إذا انخرم واحد منها خرج الإنسان من دوحة الإيمان، والتحق بزمرة الشيطان، وعبدة الأوثان، وتلك الأركان هي:
1) الثبوت، فلربنا الجليل ذات علية، موجودة خارج الأذهان وجوداً حقيقياً، وليست ذاته – جل وعلا – فكرة وهمية، ولا شطحية خيالة.
2) عدم مشابهة ذات خالق الأرض والسموات، لذوات المخلوقات، فأين التراب من رب الأرباب، وأين المخلوق الحقير من الله العلي الجليل.
3) انتفاء علم المخلوقات بمعرفة كيفية ذات رب البريات، فهو – سبحانه وتعالى – أحد صمد لا والد ولا ولد، ولا يكافئه أحد، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
... وبما أن الصفات تقوم تلك الذات، فينبغي أن تعطي تلك الاعتبارات، لأن الصفات تتبع الموصوفات، فيجب القول لزاماً بما يلي: