إن الفقهاء ليسوا بمشرعين، ولذلك قل أئمتنا في كتب الفقه في مبحث القضاء مبين لهذه الأمة أن القضاء مبني على الإتباع لا على الابتداع والاختراع، يقول الأئمة في كتب الفقه (إن القضاء مظهر لا مثبت) أي أن القاضي في قضاءه يظهر الحكم الشرعي الذي حكم به ربنا القوي، ولا يستطيع للقاضي أن يثبت أو ينفي على حسب رأيه، فإذا فعل ذلك فقد جعل نفسه نداً لربه جل وعلا.

إن القضاء مظهر الأحكام الشرعية، يبين أن حكم الله كذا في هذه القضية، وأما أن يثبت القاضي الأحكام من عنده وأن يخترع من الدين ما لم يأذن به رب العالمين فهذا مردود عليه.

وأما ما يحصل للأئمة الفقهاء من المنزلة والامتياز في هذه الأمة فإن هذا الامتياز ليس بامتياز الحكم، إنما هو بامتياز العلم، نعم لهم ميزة ومنزلة ومن حقهم أن يستنبطوا وأن يقرروا الأحكام الشرعية من أدلتها التفصيلية، وهذا الذي امتازوا فيه لوجود شروط الاجتهاد فيهم، لا يعني أنهم مشرعون، إنما امتازوا بأنهم علموا من الحي القيوم، وهؤلاء هم ورثة نبينا المعصوم.

فالامتياز الذي يحصل لأئمتنا الفقهاء في هذه الأمة ولهم حق الاجتهاد والاستنباط من شريعة الله جل وعلا هذا الامتياز على امتياز العلم لا على امتياز الحكم، فالحكم خاص لله جل وعلا {إنِ الحكم إلا لله أمر ألا تعبدوا إلا إياه} .

ومع أن الفقهاء ليسوا بمشرعين فاجتهاداتهم تشريع معتبر في ديننا العظيم، ليسوا بمشرعين واجتهاداتهم شرع معتبر يلزم به المكلفون، فإن قيل كيف هذا الإشكال في هذا؟ فاستمع للجمع بين الأمرين ليسوا بمشرعين واجتهاداتهم شرع يلتزم به البرية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015