أولهما: إن المجتهدين كما تقدم معنا حالهم يؤجرون في جميع أحوالهم وبينت أن الأظهر من أقوال العلماء أن المجتهد له أجران وهو مصيبٌ على الدوام إلا إذا صادم قوله نص من نصوص الشرع الحسان، فيلغى القول ويلتمس له العذر، ويستغفر للقائل ن والله أثبت له الأجر، لأن هذا ما صدر عن طريق الهوى ولا صدر عن طريق الاحتكام إلى الجاهلية، فبذل ما في وسعه لمعرفة حكم الله في هذه القضية، فلو قدر أنه صادم اجتهاده نصاً، طرح الاجتهاد وهو معذور، وخطئه مغفور، وهو مثاب عند العزيز الغفور، وأما إذا احتمل النص كلامه وقال فيه نصاً وخالفه إمام آخر، فهذه المفاهيم كلها كما قلت على المعتمد كلها حق وصواب وهدى ورشاد ولكل واحد من أصحاب هذه المفاهيم من أئمتنا أجران عند ربنا العظيم، ولا يحكم على الإجتهاد بأنه خطأً إلا إذا صادم نصاً ولم يبلغ الإمام ذلك النص.
إن المجتهدين فيما يفعلون، ويستنبطون ويقررون الأحكام التفصيلة، الأحكام الشرعية، إنهم بفعلهم هذا ليسوا بمشرعين ولا نزاع على هذا عند المسلمين الموحدين، وهذا كما تقدم معنا أن جميع الأحكام من خصائص ذي الجلال والإكرام، التشريع من خصائص الله، ولذلك قرر أئمتنا الكرام ولا نزاع بينهم، وهذا الكلام موجود في مجموع الفتاوى الجزء الثاني والعشرون صفحة سبعة وثمانون 22/87 فما بعدها.
وقلت هذه القضية لا نزاع فيها، قرروا أنه من اعتقد أنه يجوز لأحد ن يخرج عن شريعة النبي - صلى الله عليه وسلم - وعن اتباعه وعن طاعته ولا يلتزم بما نزل عليه من الكتاب وبما آتاه الله من الحكمة فلا شك في كفره وخروجه من دين الله جل وعلا.