فدين بلا سلطان ضاعت، سلطان بلا دين ظالم جائر فاجر، يريد علواً فى الأرض وفساداً، ولذلك قال الإمام ابن تيمية رحمه الله:الناس ينقسمون الى أربعة أقسام، منهم من يريد علواً فى الأرض وفسادا كغالب الحكام الذين لا يحكمون بما أنزل الرحمن، أفسد بنظامه وعلا وطغى وبغى وتجبر ومنهم من يريد علوا فى الأرض ولا يريد فسادا يحب أن يتعالى وأن يتكبر لكن لا يريد أن يفسد فى الحياة بقوانين وضعية يريد الزعامة والسلطة ليحكم بين الناس بالحق لكن هو ليكون له ما ليس لغيره فهو عالى وعند الله وضيع وإن حكم بالحق بين الناس، وكل شىء بحسابه.
ومنهم من يريد فى الأرض فسادا ولا يتطلع الى علوا كأكثر شياطين الإنس الذين يدعون الناس الى الشهوات المحرمات من زنا ومسكرات ومخدرات وربا وغير ذلك يفسدون ولا يتطلعون الى الحكم والسلطان ولا يخطر هذا على بالهم.
والصنف الرابع الذى هو غريب قليل لا يريدون فى الأرض علواً ولا فسادا والعاقبة للمتقين.
فدين بلا سلطان ضائع، وعلماء بلا سلطة معهم تحميهم وتنشر دعوتهم ضاءعة ضالون كالنصارى، وحكم يتقيد دين جور وإفك مبين ولن ينتج عنه إلا العلوا والفساد والكبر والغطرسة والظلم لعباد الله المساكين، ولذلك آثرت ذكر هذين النموذجين، كيف هذا أتاه الله السياسة العلمية ونحن بحاجة إليها؟ وهذا أعطاه الله السياسة الحكمية فى الحكم ونحن بحاجة إليها، ولابد من االجمع بينهما لتسير الحياة فى أمان بسلام {وتلك جتنى أتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم} {وكذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه فى دين الملك إلا أن يشاء الله نرفع درجات من نشاء وفوق كل ذى علم عليم} .
إخوتى الكرام: (فصل الدين عن السياسة) ماذا يراد بهذه الجملة وما هى أخطارها؟ ثم بعد ذلك سنناقشها ونبين فسادها وعوارها.