السياسة التى فى الحكم حكمية ثانية للنبى الصالح يوسف على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، يخبرنا الله جل وعلا عن حاله مع إخوته عندما دخلوا عليه فعرفهم وهم له منكرون {فلما جهزهم بجهازهم جعل السقاية في رحل أخيه ثم أذن مؤذن أيتها العير إنكم لسارقون} {قالوا وأقبلوا عليهم ماذا تفقدون} {قالوا نفقد صواع الملك ولمن جاء به حمل بعير وأنا به زعيم} {قالوا تالله لقد علمتم ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين} {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين} [يوسف/74] {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه كذلك نجزي الظالمين} [يوسف/75] {فبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيه} ليدفع الريبة عن أخيه الذى هو شقيق له من أمه وأبيه وليدفع الريبة عن نفسه وأنه ما إصطنع هذا {ثم استخرجها} هذا الصواع الذى هو صواع يكال به {من وعاء أخيه كذلك كدنا ليوسف} كما هم كادوا له ليضروه ويؤذوه كاد الله له عليهم ليتخذ الحق منهم وليكون هذا سبباًلحضور أبويه بعد ذلك كما قدر الله وشاء وهذا أمر يحبه الله ويرضاه فكاد له بهذا الأمر وهو أن ألهمه هذه السياسة، أن يضع الصواع فى رحل أخيه ليترتب على هذا ما يترتب من مجئ أبويه، وليترتب على هذا ما يترتب بعد ذلك من ظهور الحق، وأن الله لا يتخلى عن عباده المخاصين، {كذلك كدنا ليوسف ما كان ليأخذ أخاه في دين الملك} ما يستطيع أن يأخذه لأنه كان فى حكم شريعة ذلك الزمان التى فيها نبى الله يوسف أن الذى يسرق يغرم مثلى ما سرق، ويعذر فلا يقطع ولا يؤخذ، وكان فى شريعة يعقوب على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه أن من سرق يصبح ملكاً لمن سرق منه ذلك المتاع {قالوا فما جزاؤه إن كنتم كاذبين} {قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه} هذا جزاء الظالمين، هذه شريعة أبينا يعقوب، السارق يكون ملكاً امن سرق منه إذا ثبتت عليه السرقة.