إخوتى الكرام: سورة لقمان مكية وتقدم معنا أننى من جملة الأسباب التى دعتنا لمدارسة هذه السورة أنها مكية لكن هل هى مكية بجميع آياتها أو استثنى منها شيء نزل فى المدينة المنورة غاية ما قيل فى ذلك أربعة أقوال أذكرها ثم أفصل الكلام فيها إن شاء الله.
ثبت عن ابن عباس فى كتاب الناسخ والمنسوخ للإمام النحاس بسند جيد رجاله من أئمة العربية المشهورين بالصدق والأمانة والديانة كما قال الإمام السيوطى فى الإتقان فى الجزء الأول صفحة أربعين عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سورة لقمان مكية باستثناء ثلاث آيات منها نزلت فى المدينة المنورة على نبينا صلوات الله وسلامه وهذه الآيات الثلاث تبدأ من قول الله جل وعلا: {ولو أنما في الأرض من شجرة أقلام والبحر يمده من بعده سبعة أبحر ما نفدت كلمات الله إن الله عزيز حكيم * ما خلقكم ولا بعثكم إلا كنفس واحدة إن الله سميع بصير} ثلاث آيات تبدأ من سبع وعشرين فما بعدها نقل عن ابن عباس رضي الله عنهما بإسناد صحيح أن هذه الآيات نزلت فى المدينة وسورة لقمان بعد ذلك جميع آياتها مكية عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا وعن غيره من السلف إطلاق القول بمكيتها دون استثناء روى ذلك عنه ابن الدريس فى فضائل القرآن وروى الإمام البيهقى فى كتابه الدلائل دلائل النبوة عن عكرمة والحسن إطلاق القول بمكيتها دون استثناء وهذا نقله أبو عبيد فى فضائل القرآن عن على ابن أبى طلحة فعن ابن عباس وعكرمة والحسن وعلى ابن أبى طلحة رضي الله عنهم أجمعين ورحمهم الله والمسلمين أنها مكية بإطلاق ولا معارضة لا معارضة بين القولين.