ولذلك القضية المقررة مما تقدم أنه إذا كان الأمر كذلك فلا أسعد ولا أحسن حالا ممن أفرد ربه بالعبادة وهذا ما أشارت إليه هذه السورة {هدى ورحمة للمحسنين * الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم بالآخرة هم يوقنون * أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون} ولا أتعس ولا أشقى ولا أخبث ولا أنكد معيشة فى هذه الحياة وهلاكا بعد الممات ممن أعرض عن عبادة الله وانحرف عن شرع الله {ومن الناس من يشتري لهو الحديث ليضل عن سبيل الله بغير علم ويتخذها هزوا أولئك لهم عذاب مهين * وإذا تتلى عليه آياتنا ولى مستكبرا كأن لم يسمعها كأن في أذنيه وقرا فبشره بعذاب أليم} ثم بين مآل الصنف الأول {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم جنات النعيم * خالدين فيها وعد الله حقا وهو العزيز الحكيم} .
إذن هذا الأمر الأول الذى دار حوله القرآن المكى بناء القلوب لتتصل بعلام الغيوب عن طريق بيان الصلة بين الخالق والمخلوق سبحان ربنا جل وعلا.
أما الأمر الثانى: الذى دار حوله القرآن المكى التحدث عن أمهات الفضائل التى يطالب بها العباد بوصفهم عبادا لله فى جميع العصور على مر الأيام والدهور وهذا الفضائل لا يدخلها النسخ كما يقول علماء الأصول فى كتب الأصول أمهات الفضائل لا يقع فيها نسخ بر الوالدين الإحسان إلى المحسن الأمر بالفضيلة والتحذير من الرذيلة هذه أمهات فضائل وأخلاق عالية يستوى فى معرفة حسنها جميع الناس بغض النظر عن كونهم مؤمنين أو كافرين بر الوالدين مطلوب؟ مطلوب فهما محسنان حض الناس على الفضيلة وتحذيرهم من الرذيلة مطلوب كل واحد يقول مطلوب ونعم الفاعل.