لكن فى وسع الإنسان وإمكانه ومشيئته أن يكون صالحا وأن يكون طالحا يكون تقيا وأن يكون شقيا أن يكون صادقا وأن يكون كاذبا أن يعفر جبهته لربه فى التراب وأن يتذلل له وأن يتمرد على الله جل وعلا وأن يعاديه هذا باستطاعته لكنه لا يخرج عن مشيئة الله الكونية فالسجود الثانى غير الأول {ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض والشمس والقمر والنجوم والجبال والشجر والدواب} .
هؤلاء كلهم منقادون لقهره سبحانه وتعالى ومشيئته وإرادته {وكثير من الناس} يسجدون سجودا اختياريا فلهم الثواب وكثير من الناس يمتنعون من التذلل والحب لله فعليهم عقاب {وكثير من الناس وكثير حق عليه العذاب ومن يهن الله فما له من مكرم} .
ففقر العباد واحتياجهم إلى ربهم جل وعلا هذا اضطرارى فى المخلوقات فالله أخص أوصافه أنه غنى أخص أوصافه الغنى قائم بنفسه سبحانه وتعالى حى قيوم قائم بشؤون غيره وأخص أوصاف العباد أنهم فقراء فلا بد إذن من الإشارة إلى هذه القضية فى القرآن المكى ليعرف الإنسان قدره وموقعه فى هذه الحياة ولذلك العلة فى احتياج هذا العالم من عرشه إلى فرشه إلى ربه جل وعلا العلة فى احتياج العالم إلى الله فقر من عدا الله وغنى الله العباد محتاجون إلى الله لأنهم فقراء والعباد محتاجون إلى الله لأنه غنى الغنى الحميد فأخص وصف فى المخلوق أنه فقير وأخص وصف فى الخالق جل وعلا أنه غنى عن العالمين.