ولذلك لما سئل الإمام ابن تيمية عن قول الله جل وعلا: {يوم يفر المرء من أخيه *وأمه وأبيه *وصاحبته وبنيه* لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه} قيل له عادة العرب أن تبدأ بالأهم والأعلى فلما بدأ الله جل وعلا هنا بالأنزل والأضعف {يوم يفر المرء من أخيه *وأمه وأبيه *وصاحبته وبنيه *لكل امرىء منهم يومئذ شأن يغنيه} ترقى من الأدنى إلى الأعلى والأصل أن العرب فى الكلام تقدم الأعلى فقال الإمام ابن تيمية عليه رحمة الله لكل مقام مقال ولو بدأ الله هنا بالأعلى لفاتت الفائدة بعد ذلك من ذكر الأدنى لو قال يوم يفر المرء من بنيه إذا فر الإنسان من ابنه الذى هو بمنزلة نفسه فكأنه فر من نفسه فسيفر من زوجه من باب أولى فيكون ذكر الزوجة إذن تطويل بلا طائل، وإذا فر من الزوجة سيفر من الأب وإذا فر من الأب سيفر من الأم وإذا فر من الأم سيفر من الأخ فإذن ترقى من الأدنى إلى الأعلى لبيان هول ذلك اليوم ففر من أخيه أمه التى احتضنته وهى تحنو عليه وتعطف عليه فر منها أبوه الذى يشفق عليه وعنده قوة وجلد ومنعة يحمى فر منه زوجته التى كان يأوى إليها بحيث يصبح الشخصان شخص واحد فر منها ابنه الذى هو من صلبه وقطعة منه فر منه.