هذه الأقوال الواردة فى تفسير النعيم كماقلت هى من باب ما يدخل فى ذلك اللفظ فأقوال مختلفة متعددة لكن مآلها شىء واحد اختلفت فى اللفظ لكن لا تخرج عن كون هذه الأقوال كلها من النعيم الذى نسأل عنه ولذلك قال الإمام ابن الجوزى فى نهاية الأمر والصحيح أن الآية عام فى كل نعيم أنعم الله به علينا {وما بكم من نعمة فمن الله} وسنسأل عن هذه النعم يوم القيامة وهذا الصحيح يشير إلى أنه تلك الأقوال إذن فيها قصور والواقع لا قصور فى تلك الأقوال لأننى كما قلت أراد السلف أن يوضحوا النعيم والشىء إذا ضرب له المثال يتضح فلو قال النعيم كل ما أنعم الله علينا من نعم حسية أو معنوية سنسأل عنها لكن هذا هو التعريف المطابق لقول الله {ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم} لكن هذا الكلام يبقى نظريا فيقول {ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم} ما المراد بالنعيم يقول الماء البارد وذاك يقول ما المراد بالنعيم يقول الخبز.
ما المراد بالنعيم النبى عليه الصلاة والسلام هذا من باب تقريب المعنى لأذهان الناس لأنه بالمثال يتقرب المعنى أى كل ما أنعم به علينا سنسأل عنه فهنا الأقوال متعددة مختلفة من حيث الظاهر لكن مآلها إلى شىء آخر فإياك أن تعد هذه الأقوال أقوالا مستقلة وأن تقول فى الآية عشرة أقوال لا قل معنى النعيم كذا وعبر سلفنا عن بعضهم بلازمه بعضهم نظيره بعضهم بنوع من أنواعه فقالوا كذا وكذا وكذا اثبت أقوالهم بعد أن تبين المعنى المطابق للآية الذى تدل عليه الآية وأما أن تقول فى الآية عشرة أقوال فلا.