فإياك أن تقصر ذلك العموم على هذا النوع وأول ما يدخل فى المغضوب عليهم اليهود ويدخل بعد ذلك من سار على طريقتهم ممن علم ولم يعمل وأول ما يدخل فى الضالين فى معنى ذلك اللفظ النصارى ويدخل فى ذلك العموم ويشمل ذلك العموم من عبد الله على حسب رأيه وهواه وعلى حسب بدعته ورأيه ولم يعبد الله على حسب ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام فأولئك طريق المغضوب عليهم وهؤلاء ضالون فذلك العموم الذى ورد تفسيره بنوع من أنواعه لاتقصره على هذا النوع هو أشمل من ذلك بكثير ولذلك كان أئمتنا يستدلون بعموم ذلك اللفظ على ما يدخل تحته وأن لم يكن الداخل من هذين الصنفين أى من اليهود والنصارى.
ثبت عن سفيان ابن عيينة عليه رحمة الله أنه قال كان العلماء يقولون من ضل من علمائنا ففيه شبه باليهود زمن ضل من عبادنا ففيه شبه بالنصارى فحصل إذن هنا دخول فى المغضوب عليهم ودخول فى الضالين من غير اليهود والنصارى.
والله جل وعلا يحاسب العباد على حسب أعمالهم فمن كان عالما وضل حكمه وحكم اليهود سواء فالنبي عليه الصلاة والسلام فسر هذا اللفظ غير المغضوب عليهم باليهود لبيان نوع ما يدخل لبيان بعض الأنواع التى تدخل فى هذا اللفظ وأنت بعد ذلك تطبق ما فى هذا النوع من معنى ومافيه من حقيقة ووصف على الأنواع الأخرى وعلى الناس الآخرين إذا وجد فيهم هذا فكل من ضل على علم غضب الله عليه {قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير} فضلوا على علم وأولئك عبدوا الله على حسب رأيهم وهواهم فضلوا فهم ضالون وهؤلاء مغضوب عليهم والمغضوب عليهم فيهم صفة الضلال والضالون فيهم صفة الغضب أيضا لكن أخص أوصاف من ضل على علم الغضب كما أن أخص أوصاف من عبد الله على جهل الضلال لكن كل ضال مغضوب عليه وكل مغضوب عليه ضال لكن أخص أوصافه أنه مغضوب عليه وذاك أخص أوصافه أنه ضال.