والأمر الثانى: حول الطريقة القويمة فى تفسير الآيات المحكمات.
فلابد من التنبه على هذين الأمرين لنعلم منزلة هذا الكلام الذى سنتدارس تفسيره إن شاء الله ولنعرف الطريقة المثلى السديدة السليمة فى تفسيره.
إخوتى الكرام: تأمل حال الناس فى هذه الأيام لا يرتاب أنهم فى جاهلية كالجاهلية التى كان الناس فيها قبل مبعث خير البرية عليه صلوات الله وسلامه، وإذا كان الله جلّ وعلا قد نكس الناس قبل مبعث نبينا عليه الصلاة والسلام إلاّ بقايا من أهل الكتاب كالذين كانوا يلتزمون بالدين الحق الذى كان عليه نبى الله عيسى على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، فإن الحال فى هذه الأيام كذاك فالله قد نكس الناس عربهم وعجمهم إلاّ من تمسك بملة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام بالدين الحق وهم الغرباء فى هذا الوقت وقليل ما هم.
ثبت فى مسند الإمام أحمد وصحيح مسلم عن عياض بن عمار النجاشعى رضى الله عنه، قال: قام فينا نبى الله صلى الله عليه وسلم خطيباً ذات يوم، فقال: (إن الله أمرنى أن أعلمكم ما جهلتم فى يومى هذا) ، أى أمرنى أن أعلمكم من يومى هذا ما جهلتم وما تجهلونه كل مال أحدثه عبداً فهو حلال، أى قال الله تعالى: كل مال أحدثه عبداً فهو حلال، وإنى خلقت عبادى حنفاء كلهم، وإنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرموا عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بى ما لم أنزل به سلطاناً، وإن الله نظر الى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب، والمقت: هو أشد أنواع الغضب والسخط {ياأيها الذين أمنوا لما تقولون ما لاتفعلون كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. إن الذين كفروا ينادون لمقت الله أكبر من مقتكم أنفسكم إذ تدعون الى الإيمان فتكفرون} .
[وإن الله نظر الى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا يقايا من أهل الكتاب، وقال الله: إنما بعثتك لأبتليك وأبلى بك وأنزلت عليك كتاباً لا يغسله الماء تقرأه نائما ويقظاناً] .