.. وليس في حب النساء منقصة للإنسان ما دام على حسب شريعة الله وكذلك حب المال ما دام على حسب شريعة الله وقد قال سيد الكاملين عليه الصلاة والسلام [حبب إلي من دنياكم الطيب والنساء وجُعلت قرة عيني في الصلاة] فمثل هذه الطيبات لا حرج في حبها ما دامت على حسب شريعة الله، قال تعالى: (قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده والطيبات من الرزق قل هي للذين آمنوا في الحياة الدنيا خالصة يوم القيامة ... ) فهذه الطيبات يتمتع بها المؤمن والكافر في الحياة الدنيا، أما في الآخرة فلا يشارك المؤمن فيها أحد. (هذا الكلام كله جعلته كالتمهيد للإشكال الذي سيأتي، وهو مأخوذ من كلام الشيخ حفظه الله) .
الإشكال:
قد يقول قائل: إذا أخذ الله علينا الميثاق في عالم الذر – كما ثبتت بذلك الأحاديث الصحيحة – على أنه خالقنا وربنا ومالكنا، وأودع هذا في فطرنا وغرزه فينا – وهو الميثاق الثاني – فجعلنا نقر بوجوب عبادته، فعلام توقف التكليف على إرسال الرسل ونزول الكتب، وقد أخذ علينا ميثاقين (في عالم الذر، والفطرة) ؟
الجواب عن الإشكال: توقف التكليف على إرسال الرسل ونزول الكتب لأمرين:
الأمر الأول: أن العباد يكلفون قبل إرسال الرسل إليهم وإنزال الكتب عليهم بتوحيد ربهم، لكن الله جل وعلا كرماً منه وفضلاً رفع عنا العقاب قبل إرسال الرسل وإنزال الكتب فقط لأن الغريزة الفطرية وإن كانت مركوزة في النفس الإنسانية إلا أنها في عرضة – أحياناً – للتغيير وللتلاعب وللخطأ، فلابد من إرسال الرسل لتكون الغريزة مستقيمة تهتدي بهدي ذلك الرسول، فغريزة التدين موجودة لكنها عرضة للتغيير.
... والعباد إذا أشركوا بالله قبل إرسال الرسل وإنزال الكتب ظالمون معتدون مسرفون لكن لا عقاب على ظلمهم كرماً من الله وفضلاً.