أي لا يستعظم إلا نفسه (عزة إيمانية) ولا يقبل إلا حكم الخالق جل وعلا وحقيقة هذه هي الحرية هذا هو العز وهذه هي الكرامة وليس في تذلل الإنسان لخالقه منقصة، لكن في تذلله لغيره كل المنقصة ولذلك السؤال في حالة ضرورة يجوز لكن تركه أولى، لأن السؤال ذل ولا يليق أن يتذلل المخلوق لمخلوق؟! لا، إن الموت أحسن من أن تتذلل لمخلوق، ثم إن في سؤال المخلوقين ثلاث أنواع من الظلم:
أولها: في حق نفسك حيث امتهنتها والله أمرك أن تعزها.
والثانية: في حق المسئول لأنك أضجرته وآذيته، فبنو آدم عندما يسألون يتضجرون.
والثالثة: اعتديت على الخالق لأن الله هو الذي يقول يا عبادي سلوني لأقضي حوائجكم.
لا تسألن بُني آدم حاجة ... وسل الذي أبوابه لا تُحجبُ
الله يغضب إن تركت سؤاله ... وبُني آدم حين يُسأَل يغضب
فإذن التدين غريزة، ركز في فطرنا وكذلك التملك غريزة، فكل واحد يحب أن يتملك وأن يكون في جيبه دراهم، فهذا فطر الله القلوب عليه (وتحبون المال حباً جماً) (وإنه لحب الخير لشديد) وبعض الناس وصل الآن سفاهتهم أنهم قالوا الدراهم مراهم، ولكن الحقيقة قالها بعض الأكياس الفطناء سمي الدرهم درهماً لأنه يُدِرُ الهم أي يجلبه ويأتي به.
الشاهد أن حب التملك غريزة يحبها الإنسان ولا حرج عليه في ذلك إذ أخذها عن طريق شرعي [نِعْم المال الصالح للرجل الصالح] فيأخذه من حله ويضعه في حقه، وليس في جلب المال منقصة ما دمت تأخذه من حله وأنت مأجور وتضعه في حقه وأنت مثاب على ذلك وكما في الصحيحين [لأن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس] فلا حرج عليك في جمعه ولا تجعله يطغيك ولا تسرف فيه ولا تبطر به.