أين منك الروح في جوهرها ... هل تراها فترى كيف تجول
هذه الأنفاس هل تحصرها ... لا ولا تدري متى عنك تزول
فأنت إذا كان هذا حالك فلماذا تعترض؟، فاعرف قدرك، فهل أنت ستساوي الله في إدراك حكمة كل شيء، ولو ساويته لكنت إلهاً مثله بل تبقى حالتك أنك تعلم شيئاً وتخفى عليك أشياء، وما تجهله هو أضعاف أضعاف أضعاف أضعاف ما تعلمه فقف عند حدك، إذ قد يؤدي به التعمق في القدر إلى التزندق ولذلك كان الفلاسفة يقولون: "لا يوجد أضر على المخلوق من الخالق"، فنعوذ بالله من هذا الكفر، نعمه علينا لا تحصى ورحمته وسعت كل شيء ووالله هو أرحم بنا من والدتنا وأرحم بنا من أنفسنا أرسل لنا الرسل وأنزل علينا الكتب، فكيف يكون أضر شيء علينا؟!!
... ويقول هؤلاء الفلاسفة أيضاً: "شريعة الله من أولها لآخرها سفاهة"!!! سبحان الله، لكن هذا هو حال المخذولين ومنهم العبد المخذول أبو العلاء المعري الذي هلك سنة 449 هـ حيث يقول:
يد بخمس مئين عسجد وديت ... ما بالها قطعت في ربع دينار
تناقض مالنا إلا السكوت له ... وأن نعوذ بمولانا من النار
فهذه هي الزندقة يقول (تناقض..) ويقول أيضاً في أبيات أخرى:
أنهيت عن قتل النفوس تعمداً ... وأرسلت أنت لقتلها ملكين
وزعمت بأن لها معاداً ثانياً ... ما كان أغناها عن الحالين
أي لم هذه السفاهة يا رب أنت تنهانا عن القتل وأنت ترسل ملائكة تقتلنا؟ ولماذا تقول هناك معاد ثان ٍ وخلق ثان ٍ، لا حاجة لا للخلق الأول ولا الثاني؟!! سبحان الله هل صرت إلهاً حتى تحدد ملك الله وأفعاله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علواً كبيراً لكن هذا هو حال من غضب الله عليه، ووصل في نهاية أمره يقول:
حياة ثم موت ثم بعث ... حديث خرافة يا أم عمرو
وكان يقول أيضاً:
وما حج لأحجار بيت ... كؤوس الخمر تُشرب في ذراها
إذا رجع الحليم إلى حجاه ... تهاون بالشرائع وازدراها