السبب الثالث: إمداد: بعد أن هيأه وأعده جعله يقبل ذلك الإيمان ويطمئن إليه ويأخذ به، فلا يخلو مخلوق من فضل الله لكن إما في نعمة الإيجاد وإما في نعمة الإيجاد والإعداد والإمداد.

فالله جل وعلا أوجد نبيه محمداً صلى الله عليه وأعده وأمده، والله يقول للنبي صلى الله عليه وسلم (ووجدك ضالاً فهدى) (وكذلك أوحينا إليك روحاً من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان) والله يقول (وما كنت ترجو أن يلقى إليه الكتاب إلا رحمة من ربك) لكن قف عند نقطة: هل هذا الاختيار مبناه على العبث والسفه أم هو وضع للأمور في مواضعها؟ إذا كنت تؤمن بأن الله حكيم فستعلم أنه اصطفى محمداً صلى الله عليه وسلم لما يعلمه مما في قلبه، واختياره كان في محله كما قال (الله أعلم حيث يجعل رسالته) (الله يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس) (وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة سبحان الله وتعالى عما يشركون) و (ما) هنا نافية وهذا أقوى القولين في تفسيرها، ويتم الوقف عند قوله (ويختار) ، أي ما يحصل لهم هذا ولا يقومون به، وقيل: (ما) موصولة، المعنى صحيح أيضاً ويختار الذي فيه خير لهم وهو أرحم بنا من أنفسنا.

... والله جل وعلا أوجد أبا جهل ولم يعده ولم يمده، لما له من الحكمة التامة ولو شاء أن يجعله كالأنبياء لجعله لكن له الحجة البالغة والحكمة التامة، فخذله لما يعلم في قلبه من الخبث والكبر والطغيان، إذن الله سبحانه وتعالى أوجده وخلقه بشراً سوياً عاقلاً مدركاً ذكياً لكنه لم يعده ولم يمده لحكمته التامة وعلمه سبحانه وتعالى ولله على خلقه نعمتان: الأولى خلق وإيجاد، والثانية هداية وإرشاد، الخلق والإيجاد مبذولة للجميع (وما بكم من نعمة فمن الله) (الله خالق كل شيء) ، ونعمة الهداية والإرشاد (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) ، وهنا كذلك إيجاد وإعداد وإمداد.

4- الإيضاح الرابع:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015