4) لو حصلت الطاعة من أول الأمر قد يترتب عليه مفسدة أعظم وهي العُجب فوقع في الذنب حتى ينكسر ولا يتكبر فزالت مفسدة أعظم مما لو لم تحصل تلك الطاعة، أي لو لم تحصل مفسدة يسيرة لحصلت مفسدة كبيرة، فدفعت الكبيرة باليسيرة كما تقدم معنا في الحكم، ولو كان الخلق كلهم مؤمنين فمن سيدخل النار؟ فهذا لابد من وعيه ولا تظن أن الحكمة تقتضي أن يكون جميع الناس مؤمنين، ليس كذلك، لأنه لو كان هذا هو الحكمة لقدرة الحكيم العليم (ولو شاء ربك لجعل الناس أمة واحدة ولا يزالون مختلفين إلا من رحم ربك ولذلك خلقهم وتمت كلمة ربك لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) هود (118، 119) ، (ولذلك خلقهم) فيها تفسيرأن كلاهما ثابت عن سلفنا الكرام: خلقهم أي ليأمرهم بالإيمان ليكونوا ملة واحدة ليرحمهم بعد ذلك فالإرادة دينية شرعية وقيل: خلقهم أي ليختلفوا فيحاسب كلاً على عمله فالإرادة كونية قدرية، وأحد التفسيرين لابن عباس والآخر للحسن لكن لن أذكر تحديداً النسبة الصحيحة لكل قول.
ولذلك قال أئمتنا من أمره الله وأعانه فقد تعلق بالمأمور خلقه وأمره إنشاءً ومحبة (وجدت فيه الإرادة الشرعية والكونية) ومن أمره الله ولم يعنه فقد تعلق بالمأمور أمره لا خلقه لعدم الحكمة، قل لله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين وليس في هنا أي إشكال، والشر ليس إليك وأسباب الخير ولا يستلزم الخير حصولها بكاملها إنما قد يوجد الله الثلاث في بعض العباد وقد يوجد بعضها في بعض ... العباد فهو المتفضل والمنعم على عباده:
السبب الأول: إيجاد: خلقه لإبليس وللكافرين نعمة.
السبب الثاني: إعداد: أعد قلوبهم بحيث جعلها صالحة للهدى والإيمان كما قال لنبيه موسى عليه السلام (واصطنعتك لنفسي) هذا من به على بعض العباد.