فللعباد مشيئة لكنها تابعة لمشيئة ربنا جل وعلا، ولذلك إذا قال لك شخص: أنا شاء قل له: مشيئة استقلالية أو تابعة لمشيئة رب البرية؟ فإن قال: استقلالية، فهذا قول القدرية لأنهم يقولون ما شاء الله شيئاً ولا قدره، وإن قال: أنا لا مشيئة لي، فهذا قول الجبرية، وإن قال: لي مشيئة لكن مشيئتي تابعة لمشيئة ربي، فهذا قول أهل السنة الفرقة المرضية، ولو كانت مشيئة العبد استقلالية فإنه سينازع ربه وقد يتغلب عليه كما يقول المعتزلة، تعالى الله عن ذلك، وكيف يقع في ملكه ما لا يريده؟!! فما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (?) .
2- الإيضاح الثاني: إن قال قائل كل شيء بقضاء وقدر وكل ما يقع سبق به تقدير الله وتعلقت به مشيئته فكيف يريد الله أمراً لا يحبه ولا يرضاه؟ (هذا مترتب على الأمر الأول) .
الجواب: لا إشكال في ذلك ويتضح هذا بهذا التحقيق الذي ينبغي أن تعضوا عليه بالنواجذ، وهو: أن الأسباب مع مسبباتها أربع أقسام، اثنان منهما يتعلق بهما قدر الرحمن وهما محل أقضية الله وأقداره فيما يحبه ويكرهه، واثنان منهما لا يتعلق بهما قدر ربنا.
? الاثنان اللذان يتعلق بهما قضاء الله جل وعلا وقدره وإرادته ومشيئته:
1) سَبَب محمود محبوب يوصل إلى مُسَبّب محمود محبوب:
مثال: قدر الله وجود الإيمان فهذا سبب محمود، ونتيجته أنه يفضي إلى توحيده ورضوانه فهو مسبب محمود.
مثال آخر: خلق الله الأنبياء والمرسلين سبب محمود يحبه الله يفضي إلى مسبب محمود.