فهذا يجمع ما قلنا ومن أن فعل الإنسان باختياره لكن مشيئتة تابعة لمشيئة ربه، يهدي من يشاء ويضل من يشاء، ولذلك يفعل الإنسان ما يشاء، لكنه لا يشاء ما يشاء بل ما تشاؤه تابع لمشيئة الله فليست مشيئتك استقلالية، إنما تابع لمشيئة رب البرية (قل لله الحجة البالغة فلو شاء لهداكم أجمعين) (ولو شاء الله لجعلكم أمة واحدة) وهو على كل شيء قدير فما نوع المشيئة في قوله تعالى (ولو شاء لجعلكم) ؟ مشيئة كونية قدرية، أي لو شاء الله ذلك مشيئة كونية قدرية لما تخلف، فلو أراد الله أن يجعل المخلوقات بأسرها على حقيقة وكيفية نبينا أفضل خلق الله صلى الله عليه وسلم لما أعجزه ذلك فهو على كل شيء قدير إذا شاء ذلك لكن له الحكمة البالغة والحجة التامة.

س: هل الله سيحاسب عباده على تقديره أم على فعلهم؟

ج: على فعلهم (ولتُسألن عما كنتم تعملون) فلن تُسألوا عما قدرته لكم، إنما ستحاسبون على ما صدر منكم فقد أرسلت الرسل وأنزلت الكتب وأعطيتكم العقول فأقمت عليكم الحجة (فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضلّ فإنما يضل عليها) ، فمن يهتدي هدايته مرتبطة بتقدير الله ومشيئته، ومن يضل فضلاله مرتبط بتقدير الله ومشيئته، لكن الفعل في الحالتين – كما قلنا – مخير فيه، فالإنسان يفعل ما يريد لكنه لا يريد ما يريد، بل يريد ما يريده الله المجيد وسعي العباد كلهم ينتهي عند آيتين اثنتين لا ثالث لهما:

(وما تشاءون إلا أن يشاء الله إن الله كان عليماً حكيماً) ، (وما تشاءون إلا أن يشاء الله رب العالمين)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015