.. ولذلك هذا المذهب مما فطر الله عقول الناس وقلوبهم جميعهم على رده، وهل إذا أساء إنسان في حقك تقبل منه أن يقول لك معتذرا أنا مجبور!! ولذلك كان أئمتنا يقولون: أنت عند الطاعة قدري، وأنت عند المعصية جبري، أي مذهب شئت تمذهبت به؟! وهذا من التعريض بهم.

... أي إذا صدرت منه الطاعة يقول ليمدح نفسك – قدري ومعتزلي أي أنا خلقتها وأوجدتها دون تقدير ربي وعند المعصية يقول: جبري ليبرأ نفسه من اللوم والذم!!!.

هذا هو العقل البشري عندما ينحرف عن وحي الله الرباني، فإنه يقع في هذه التناقضات.

وإذا لم يكن من الله عون للفتى ... فأول ما يقضي عليه اجتهاده

يُقضى على المرء في أيام محنته ... حتى يرى حسناً ما ليس بالحسن

وهذا القول بالجبر يوجد في الفرقة الضالة الجَهْميَّة.

وأول من قال به منهم هو شيخ الجبرية الجهم بن صفوان، والجهم هو تلميذ الجعد بن درهم وقد كان الإمام عبد الله بن المبارك يقول:

عجبت لشيطان دعا الناس جهرة ... إلى النار واشتُق اسمُه من جهنم

يعني بذلك جهماً أي اشتقها من جهنم، وقد قتل هذا الضال سَلْم بن أحوز سنة 128هـ أي في عهد بني أمية كما أن شيخه الجعد قتله خالد القّسْري، ولما قبض سلّم على الجهم، قال له: اسبقتني فإن لي أماناً من أبيك، فقال سلْم: ما كان له أن يؤمنك، ولو أمنك ما أمنتك، والله لو كنت في بطني لشققته حتى أقتلك، ولو أنزلْتَ عيسى بن مريم وملأتَ هذه العباءة كواكب لما نجوت مني ثم ضربه فقتله.

... وقد أخذت الجبرية هذه المقالة عن اليهود كما أن بدعة القدر أُخذت عن النصارى، كما أن بدعة التشيع أخذت عن اليهود عن عبد الله بن سبأ اليهودي من بلاد اليمن، والشيعة الآن يبرءوا أنفسهم من هذه النسبة يقولون عبد الله بن سبأ صورة أسطورية فلا وجود لرجل اسمه عبد الله بن سبأ، إنما أهل السنة يتهموننا به!! ونقول: إن وجود عبد الله بن سبأ من التحقق كتحقق وجود السبت في أيام الأسبوع – أي لا شك في وجوده.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015