فهذا الاعتداد فيما بينهم أكسبهم قوة وأكسبهم قولهم بعد ذلك قوة أيضاً فمثلاً: أحمد بن أبي دؤاد الذي كان قاضي القضاة لثلاثة من خلفاء بني العباس – كما قلنا – من البديهي أنه لن يولى القضاء في الدول الإسلامية في أمصارها إلا للمعتزلة، وسيقول بكل ما فيه نفع للمعتزلة، وسيسعى بكل ما فيه إضرار لأهل السنة، بل وصل الأمر بأحمد أن الواثق أراد أن يستفك أسرى المسلمين من الروم مقابل فدية، قال له أحمد: من قال بخلق القرآن فأفده وأعطه من بين المال ألف دينار، وإذا لم يقبل بذلك فاتركه عند الروم!! أي اترك المسلم الذي لا يقول بخلق القرآن عند النصارى ليعذبوه، سبحان الله!!، وللأسف مازال مذهبهم ينتشر ويقرر للآن في الكتب ويدرس في المدارس، ودرجت عليه أجيال وأجيال، وتلوثت به أذهان المسلمين بعد أن انتشر مذهب الاعتزال – كما قلت – بسبب وجود قوة حامية له فقرر وانتشر وسطر في الكتب، ثم بعد ذلك عاد الأمر لأهل السنة لكن بعد أن امتلأت الكتب بالضلالات والبدع، فكم من كتاب في التفسير للمعتزلة، فمثلا ً كتاب الكشاف للزمخشري كله ضلال من أوله لآخره، وقد جعل بداية مقدمة كتابه: "الحمد لله الذي خلق القرآن"، فقيل له: لن ينظر فيه أحد إن تركت هذه العبارة، فقال: "الحمد لله الذي جعل القرآن عربياً"، ويقصد بجعل خلق، وقد قال أئمتنا يحرم النظر في كتابه على العالم والعامي، أما العامي فأمره معلوم، أي لأنه جاهل ولا يميز الغث من السمين والضلال من الهدى وأما العالم فيحرم عليه أيضاً لعدة أمور:

1- أنه يقدم المفضول على الفاضل بل مرذولاً على فاضل.

2- يُخشى عليه من الزيغ وأن يعلق في ذهنه شيء من الشُبه وهو لا يدري، لأن الزمخشري مع ضلاله واعتزاله صاغ الاعتزال بألفاظ لم يصرح فيها بأنه على مذهب المعتزلة فهذا مما يزيد في الخديعة.

3- تَخْدع العامة، حيث سيقتدون بك دون أن يعلموا نيتك.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015