وسيأتينا إن شاء الله تعالى – أن الإنسان له اختيار لكنه مضطر في اختياره (وما تشاءون إلا أن يشاء الله) (فألهمها فجورها وتقواها) فالمُلْهِمُ هو الله والهادي هو الله والمضل هو الله (يهدي من يشاء ويضل من يشاء) يهدي من يشاء بفضله، ويضل من يشاء بعدله وإذا قلت هذا للمعتزلي ينتفض يقول: الله يضل؟ قل له: هذا كلام الله وليس كلامي.
أتدرون بماذا يفسرون كلمة (يضل ويهدي) يضل: أي حكم لهم بالضلال بعد أن ضلوا (?) ، ويهدي: أي حكم لهم بالهداية بعد أن اهتدوا.
ولذلك شيء قضى عليهم ومضى فلا يمكن أن يتخلف طرفة عين، والله جل وعلا – كما قلنا – من مقتضى ألوهيته وربوبيته أنه يعلم الشيء قبل وقوعه وهو المقدر سبحانه وتعالى لا إله غيره ولا رب سواه.
جاء أعرابي إلى أبي عثمان عمرو بن عبيد (الشيخ الثاني لمذهب المعتزلة) وهو في مسجد البصرة فقال الأعرابي: يا أبا عثمان إن حمارتي قد سُرقت، فادع الله أن يردها عليّ فرفع عمرو بن عبيد يديه وقال: اللهم إن حمارته سُرقت وأنت لم تُرِد سرقتها، فأرددها عليه فقال الأعرابي: يا شيخ السوء كف عن دعائك (الخبيث) ، إذا لم يرد سرقتها وقد سُرِقت، فقد يريد ردها ولا ترد.
أي إذا كان العبد يغلب الرب فهذه مشكلة المشاكل، فانظروا للأعرابي ولفطنته ولفطرته وسداد جوابه.