.. فقال لهم إياس: فهذا الكون ملك مَنْ؟!! هو ملك الله، فإذا تصرف الله فيه فهل يُعد هذا ظلماً؟! لا، مَنَّ على هذا بالهدى وخذل هذا ولم يوفقه.

... نعم أقام الحجة على جميع العباد وأرسل الرسل وأنزل الكتب ومنحنا العقول ثم بعد ذلك لطف بهذا المؤمن فوفقه، وخذل ذلك الكافر وما مَنّ عليه بالهداية، فأي ظلم في هذا؟!! الظلم هو أن تعتدي على حق غيرك وأن تتصرف في ماله بغير إذنه، ولا يدخل الظلم في دائرة أفعال الله سبحانه وتعالى وهذه المناظرة عن إياس أوردها الإمام ابن تيمية وهي في مجموع الفتاوى (18/139و 140) .

... إذن قول القدرية بأن الله لم يقدر الشر ولم يرده ولو قدره لكان ظلماً للعباد، هذه سفاهة وقلة أدب منهم مع ربهم جل وعلا، فلا يقع شيء إلا بعد تقدير الله له ذاك أمرنا به هذا نهانا عنه وأقام علينا الحجج، ذاك مَنَّ على من فعله وهو الطاعة، وهذا أخذل من فعله وهي المعصية (ولو شاء ربك لآمن من في الأرض جميعاً) أليس من الممكن أن يجعل الله أبا جهل كجبريل؟! ممكن لكنه لم يرد ذلك، فهل يقال ظلمه؟ نقول: لا فإن ذاك أعطاه الاختيار والعقل وأرسل الرسل وأنزل الكتب، فلا يقال عن ترك المنّ إنه الظلم، ولا يقال على عدم الفضل إنه ظلم ونحن نعلم يقيناً أنه لم يهتد مهتدٍ إلا بفضل الله لا بعقله ولا باختياره ولا بجده ولا بذكائه ولا بألمعيته، وقد ترى البدوي لا تلقي بالاً لخفة عقله ولكنه لا يفتر عن ذكر الله وترى صاحب العقل الضخم كافراً فما مَنَّ الله عليه بأن يوحده، فكون الله لم يعط فضله للكافر هذا لا يقال إنه ظلم فهذا ملكه يتصرف فيه كما يريد نعم نقول الله منّ على البدوي بالإيمان وشرح صدره (فألهمها فجورها وتقواها) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015