ومن جملة مناظرات أئمتنا الهداة للمعتزلة الضالين في إبطال قولهم هذه المناظرة المحكمة السديدة (موجودة في طبقات الشافعية الكبرى (4/261) و (5/98) ، الفتح (13/451) ، وأوردها شيخنا في دفع إيهام الاضطراب عن آي الكتاب صـ286 في تفسير سورة الشمس عند قوله تعالى (فألهمها فجورها وتقواها) .

وحاصلها: أنه اجتمع في مجلس ٍشيخان أحدهما مهتدٍ والآخر ضال، أما المهتدي: من شيوخ أهل السنة الكرام أبو إسحاق الإسفراييني، وأما الضال: عبد الجبار المعتزلي.

فقال عبد الجبار (مُعرِّضاً بأهل السنة الأبرار) : سبحان من تنزه عن الفحشاء (?) .

فقال أبو إسحاق: كلمة حق أريد بها باطل ثم أجابه فقال: سبحان من لا يقع في ملكه إلا ما يشاء.

فقال عبد الجبار: أفيريد ربنا أن يُعصى (?) ؟

فقال أبو إسحاق: أفيُعص ربنا مكرهاً (?) ؟

فقال عبد الجبار: أرأيت إن قضي عليّ بالردى (?) ومنعني من الهدى أحسَنَ إليّ أم أساء؟

فقال أبو إسحاق: إن كان الذي منعك ملكاً لك فقد أساء، وإن كان ملكه فهو الذي يفعل ما يشاء.

... فَبُهِتَ عَبْدُ الجبار، وقال الحاضرون: لا يستطيع أن ينازع هذا أحد، فهذا الآن من أئمة الهدى أي إن أعطاك ففضل وإن منعك فعدل، ولا يظلم ربك أحداً، وهذه المناظرة حقيقة تبطل مذهب المعتزلة بهذه الحجة المحكمة الدامغة.

... يقول إياس بن معاوية الذي يضرب به المثل بالذكاء والفراسة والألمعية: "ما ناقشت أحداً بجميع عقلي إلا القدرية" ثم قلت لهم، أخبروني عن الظلم ما هو؟ قالوا: الظلم أن تعتدي على غيرك بأن تأخذ حقه من غير إذنه أو تتصرف في ماله بغير إذنه.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015