ثانيها: وهو اختيار القاضي عياض وهو: أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد من نهي معاذ عن البشارة النهي لا التحريم ولا التنزيه، إنما أراد أن يكسر عزمه، لئلا يذهب معاذ إلى الأسواق والمجامع وينادي حقكم على الله ألا يعذبكم إذا عبدتموه وبالتالي يحصل سوء فهم لهذه البشارة على حقيقته فكسر عزمه وقال لا تخبرهم أي الآن في هذا الوقت وأنت مندفع ومتحمس، لكن أخبرهم بعد أن تتروى ويخف الأمر على نفسك. وهذا الجواب لعله أوجه الأجوبة.
ثالثها: وقد ذكره القاضي عياض ذكراً فقط، وهو: أن معاذاً فهم المنع والتحريم من النهي، ثم تبين له النسخ بعد ذلك بالأحاديث التي فيها حض على نشر العلم وتحريم كتمانه، فبلغ الحديث. وهو وجه ضعيف، لأنه لو كان الأمر كذلك لما أخر معاذ هذا إلى وقت وفاته.
رابعها: وقد ذكره الإمام ابن الصلاح: أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى معاذاً عن البشارة العامة ورخص له بالبشارة الخاصة، وهذا هو الذي فعله معاذ، فإنه لم يخبر الناس في مجامعهم، لكنه أخبرهم عندما احتضر، والعادة أنه لا يحضر مجلس المحتضر إلا خواصه وأصحابه ليسلوه ويثبتوه ويدعوا له فأخبرهم عند موته.
أظهر الأجوبة والعلم عند الله الجواب الثاني، وأما الجواب الثالث ففيه بعد، والجوابان الأول والرابع مقبولان والعلم عند الله.
الجواب الثاني: