إذن فحق العباد هنا هو تفضل الله به عليهم، وقد ثبت في سنن أبي داود وابن ماجه وصحيح بن حبان ومسند الإمام أحمد عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي قال: [لو عذب الله أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم] وهذا محض عدل [ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم] أي: خيراً من أعمالهم.

إذن فأنت عندما تقول: أسألك بحق نبيك، فهل للمخلوق حق على الخالق؟ لا، وقد تقدم معنا أنه "لو عذب الله وحاسب نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وعيسى بن مريم بما جنت السبابة والإبهام لعذبهما ثم لم يظلمهما" ولو عذب الله جبريل فمن دونه من المخلوقات في العالم الأعلى والأسفل لعذبهم وهو غير ظالم لهم، ولو رحمهم لكانت رحمته خيراً لهم من أعمالهم.

تنبيه:

إن قيل: إن النبي صلى الله عليه وسلم نهى معاذاً عن البشارة وقد بلغنا، وقد ورد في آخر الحديث، فأخبر معاذ بها – أي بهذه البشارة – عند موته تأثماً أي خشية الإثم، فكيف ينهى عن التبشير ثم يبلغ ويبشر بهذا الحديث؟

أجاب العلماء عن ذلك بأربعة أجوبة:

أولها: وهو اختيار الحافظ ابن حجر، وهو: أن معاذاً فهم من المنع كراهة التنزيه (خلاف الأولى) أي أن النبي صلى الله عليه وسلم نهاه مرشداً له إلى الأكمل، لا أن عليه إثماً إذا أخبر بذلك، فتعارض هذا مع الأحاديث الآمرة بالبيان وعدم الكتمان لحديث [من كتم علماً ألجمه الله بلجام من نار] فأخبر بذلك دفاعاً للوقوع في المحرم وهو الكتمان وإن وقع في خلاف الأولي وهو التبشير.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015