ونحن نقول إنه يعتقد في الراقي أنه يشفي لا، لأنه لو فعل هذا لأشرك، بل نقول صار في توكله شائبة وهذا بخلاف ما لو وصف لك الطبيب دواءً حسياً فهنا لا أثر له على توكلك ولا تتعلق به نفسك، وتتناوله كما تتناول الطعام، وأما الرقية فليست شيئاً حسياً فإنه يقرأ الفاتحة مثلاً وسورة الفلق والناس وآية الكرسي ويدعو فيقول (اللهم رب الناس أذهب الباس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك ... ) وينفث عليه، فقد يقع – بالتالي – في نفسك شيء من الأثر.

ثانيا: الراقي: فهو عندما يرقي أيضاً كأنه صار في نفسه شيء يقدح في توكله من حيث أنه يرى أنه صار له شيء من المزية والمكانة حتى صار يرقي، ولذلك نقول لا حرج في رقية نبينا عليه الصلاة والسلام لغيره لأنه مزيته ثابتة وهو خير خلق الله، وسيد ولد آدم وأما من عداه فهل يستطيع أن يجزم لنفسه بمزية؟ وهل يستطيع أن يقول: أنا رجل مبارك ودعائي له أثر؟!! لا يستطيع، وبالتالي من رَقَى فكأنما صار في نفسه هذا المعنى، والعلم عن الله.

ومما ينبغي أن نعلمه أن هؤلاء السبعين ألفاً ليسوا أفضل من غيرهم بإطلاق، فانتبهوا فإن المزية لا تقتضي الأفضلية، فقد يكتوي صديق ويحاسب وهو عند الله أعلى منزلة من هؤلاء فهذه ميزة لهؤلاء فقط أن يدخلوا الجنة بغير حساب، ولا يلزم أن تكون منزلتهم أعلى من غيرهم.

ثم ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الوصف والأصل الجامع الذي تفرعت عنه هذه الأفعال والخصال فقال: [وعلى ربهم يتوكلون] .

وقد ورد أيضاً وصف آخر وقيد آخر، لا يرقون ولا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون، ووصف آخر يخرجون من البقيع، فهذه خاصة بمن يدفن في البقيع بالمدينة المنورة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015