وقد حثنا نبينا عليه الصلاة والسلام أيضاً على الشفاعة في أحاديثه الكثيرة الصحيحة الثابتة، ففي الصحيحين والسنن الثلاثة أبي داود والنسائي والترمذي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: [اشفعوا تؤجروا ويقضي الله على لسان نبيه ما شاء] وفي رواية أبي داود [اشفعوا لي] أي في طالب الحاجة [لتؤجروا وليقضي الله على لسان نبيه ما شاء] .
وهذه الشفاعة – كما قلت – ينبغي أن تكون في تحصيل الخير للغير في الدنيا والآخرة ولكن بشرط عدم تعطيل أحكام الله الشرعية، لأنك إذا شفعت في حد من حدود الله أو في إسقاط واجب أو استحلال محرم فهذه شفاعة محرمة وهي مضادة لله في حكمه، (قصة سرقة المخزومية والتي شفع فيها أسامة)
والشفاعة في الدنيا تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
1- شفاعة حسنة مستحبة وتكون في:
أالمباحات.
ب المستحبات.
ولها صور كثيرة ولا يعجزكم التمثيل لها فلو طلب شخص مباحاً من مسئول أو مستحباً، فامتنع عليه، فشفعت له من أجل قضاء حاجته وطلبه، فهذه شفاعة حسنة ومستحبة.
وقد بوب البخاري عليه رحمة الله في كتاب الطلاق باباً بهذا الخصوص فقال: باب شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في زوج بريرة.
وزوجها هو مغيث، وحديثه ثابت في الكتب الستة، فقد كانت بريرة تحت مغيث وكانت أمة وهو عبد – على أرجح القولين – ثم اعتقت بريرة والتي أعتقتها أمنا عائشة رضي الله عنها – وعندنا في الشريعة أن الأَمَة إذا كانت تحت عبد ثم أعتقت وصارت حرة فهي مخيرة إن شاءت أن تفارقه وإن شاءت أن تبقى معه، وإذا كانت تحت حر فاختلف في ذلك والجمهور يقولون بالتخيير وأبو حنيفة يقول بالتخيير سواء كان الزوج حراً أو عبداً.
الحاصل أن مغيثاً كان عبداً فالنبي صلى الله عليه وسلم قال لبريرة: أنتِ بالخيار ما لم يمسسك – أي يقربك – فقالت لا أريده يا رسول الله، وقالت لأمنا حفصة رضي الله عنها: هو الطلاق هو الطلاق هو الطلاق.