نقول: لأنه أعلى من الملك منزلة وله عليه، فله أن يعزره، كما أن للأستاذ أن يعزر أحد طلابه إذا لح عليه في الأسئلة، فله أن يعزره ولو كانت أسئلته كلها جيدة ولا منقصة في هذا للمعزر ولا للمعزر.
وهذا قد كان في القديم، ولكن للأسف الآن ما عاد الطالب ليتحمل تعزيراً من أستاذه بل تراه يصول ويجول إذا قال له الأستاذ أو الشيخ اسكت أو ضغط على أذنيه، ونحو هذا من المتغيرات والله المستعان.
(قصة أحد الطلاب الذين أرادوا تهذيب نفوسهم طلبوا العلم عند أحد المشايخ وألح عليه في طلبه، وبعدما قال له الشيخ كذبت – اختباراً له – اغتاظ الطالب وسب الشيخ ومن علمه وسب أهل الأرض جميعاً..إلخ القصة) .
(قصة شيخنا الطحان مع شيخه الشنقيطي في شأن القنوت لما قال له كذبت، فماذا كان موقف شيخنا الطحان؟)
فهنا عندما يضرب موسى ملك الموت فهل في هذا محظور أو إشكال، وهل هذه منقصة، ووالله لو ضربه في عالم الحقيقة لما كان عليه منقصة لأنه أرفع من ملك الموت.
أوليس قد ضرب أخاه هارون وأخذ بلحيته ورأسه يجره إليه فهذا انفعال في وقت محدد زال أثره بعد ذلك.
فانظر إلى أفكار هذه المدرسة العقلية الردية وانتبهوا منها.
قد يقول قائل: لما جيء بالبراق – الذي ركبه نبينا عليه الصلاة والسلام – مع أنه بإمكان ربنا أن يسري بنبينا عليه الصلاة والسلام إلى بيت المقدس دون البراق؟
نقول: فعل هذا لاعتبارين:
الاعتبار الأول: تأنيس بالعادة عند خرق العادة، فقد جرت العادة عندما يدعوك أمير أو صاحب منصب أن يقدم لك مركوباً ويحضر لك عطية ويرسل من يخدمك من أجل أن يصحبك إلى بيته، فهذا مما جرت به العادة.
فآنس ربنا نبيه بالعادة عند خرق العادة لئلا يكون الخارق من جميع الجهات، بل من جهة يأنس فيقدم له مركوب يركبه، ومن جهة أخرى هذا المركوب خرق للعادة وهذا واضح.
الاعتبار الثاني: ليكون أبهى وأفخم لنبينا المكرم عليه صلوات الله وسلامه عندما يسري به إلى بيت المقدس في صورة راكب.