وهذه الجنة هي محبة الله تعالى، ومعرفته ودوام ذكره، والسكون إليه، والطمأنينة إليه وإفراده بالحب، والخوف، والرجاء، والتوكل، والمعاملة، بحيث يكون هو وحده المستولي على هموم العبد وعزماته وإراداته، هو جنة الدنيا، والنعيم الذي لا يشبهه نعيم، وهو قرة عين المحبين، وحياة العارفين.
ولو لم يكن للموحد جزاء إلا ما يحصله في عاجلة من اللذة والانشراح والراحة والطمأنينة والأنس والبهجة، لكفى به جزاءً، وكفى بفوته حسرة وعقوبة، فوالله، ثم والله ما طابت الدنيا إلا بمعرفته ومحبته وطاعته، وما طابت الجنة إلا برؤيته ومشاهدته، وأهل الدنيا هم المساكين خرجوا منها وماذا ذاقوا أطيب فيها (?) وهم وإن هملجت بهم البراذين، وطقطقت بهم البغال، إن أثر ذل المعصية لفي قلوبهم، أبى الله إلا أن يذل من عصاه (?) .