.. وسنتكلم عن هذه المواثيق كلها لنعرف الميثاق من جميع وجوهه، ولنعرف بعد ذلك الميثاق الذي أُخذ علينا في عالم الذر وأشار إليه ربنا في سورة الأعراف (وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى (شهدنا (أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون، وكذلك نفصل الآيات ولعلهم يرجعون) آية 172، 173.

1- الميثاق الأول: إرسال الرسل:

يشترك لتكليف العباد إرسال الرسل إليهم وغالب ظني أنه تقدم معكم في السنة الأولى أنه يشترط في تكليف العباد بتوحيد ربهم أربعة شروط:

أولها: العقل.

وثانيها: البلوغ.

ثالثها: سلامة إحدى حاستي السمع أو البصر، فلابد من وجود واحدة منها، أما لو كان أعمى وأصم في آنٍ واحد فيرفع عنه التكليف كما لو كان مجنوناً، أما لو كان أعمى أو أصم، فلا يرفع عنه التكليف، لأنه إن كان أعمى فنبلغه دعوة الله عن طريق السمع، وإن كان أصم فنبلغه دعوة الله عن طريق الإشارة.

رابعها: بلوغ الدعوة عن طريق رسل الله الكرام.

والذين لا توجد فيهم هذه الشروط لتكليفهم بتوحيد ربنا المعبود يمتحنون في عَرَصات الموقف كما امتحنا نحن في هذه الحياة فمن أطاع الله منهم دخل الجنة ومن عصاه دخل النار وهذا القول ثبتت به الأحاديث تقارب الأحاديث المتواترة حكم عليها أئمتنا بأنها مستفيضة وهذا القول هو الذي يجمع بين الأحاديث التي وردت في هذه المسألة.

فقد وردت بعض الأحاديث التي تخبر بأن أولاد المشركين في النار، وبعض الأحاديث تقول إنهم في الجنة، وبعض الأحاديث تقول الله أعلم بما كانوا عاملين، وبعض الأحاديث – كما قلت لكم – أخبرت أنهم يمتحنون فالجمع بين هذه الأحاديث أن نقول:

? إن الأحاديث التي أخبرت أنهم في النار أي هم في النار بعد أن يمتحنوا ويعصوا.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015