إنما أصل الميثاق – كما قلت – عهد مؤكد ولذلك قال الله جل وعلا في سورة النساء (وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطاراً فلا تأخذوا منه شيئاً أتأخذونه بهتاناً وإثماً مبيناً وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقاً غليظاً) الميثاق هنا عهد مؤكد،وقوله، (غليظاً) أي ميثاقاً مؤكداً كثيراً وكثيراً، إذن التأكيد فيه كثير ولذلك [إن أحق الشروط أن توفوا به ما استحللتم به الفروج] كما قال نبينا عليه الصلاة والسلام، والحديث في صحيح مسلم، فالميثاق الغليظ هذا هو عقد النكاح عندما يتم إيجاب وقبول، هذا ميثاق غليظ فهو عهد مؤكد أمرنا الله أن نرعى هذا العهد وأمرنا ولي المرأة أن نرعى هذا العهد وأن نتقي الله في عرضه وهكذا المرأة جاءت إلى الرجل لتكون في كنفه ورعايته وأعطاها عهداً بذلك عن طريق العهد فإذن هذه ميثاق غليظ وعهد مؤكد بمزيد التأكيد.

فالمراد بالميثاق إخوتي الكرام ... أقام الله جل وعلا ميثاقه على عباده وحججه عليهم بأمور كثيرة، كثرتها تنضبط في ثلاثة أمور:

أولها: وهو أولاها بالاعتبار – إرسال الرسل.

الثاني: العهد الذي أخذ عليهم في عالم الذر عندما استخرجوا من صلب أبيهم آدم على نبينا وعليه صلوات الله وسلامه، ومن أصلاب آبائهم.

الثالث: الفطرة المستقيمة التي فطر الله عباده عليها.

أما إرسال الرسل فهو آخر الأمور وآخر المواثيق التي أخذها الله على عباده وهو أهمها، وأول المواثيق التي أخذها الله على المكلفين هو الميثاق الذين أخذ عليهم في عالم الذر، وبين هذين الميثاقين ميثاق الفطرة، وهذه المواثيق الثلاثة هي شيء واحد فكل المقصود منها هو أخذ العهد على العباد وإقامة الحجج عليهم بأن يعبدوا الله وحده لا شريك له، جرى هذا في عالم الذر، وفطر الله العباد عليه بعد أن خلقهم وأرسل إليهم الرسل بعد أن أوجدهم ليؤمنوا بالله ويعبدوه وحده لا شريك له.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015