وجوب عبادة الله وبيان معناها الحمد لله رب العالمين خلق الخلق لعبادته، وأمر بتوحيده وطاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أكمل الخلق عبودية لله وأعظمهم خشية له، دعا إلى الله وجاهد في الله حق جهاده، وقام على قدميه الشريفتين حتى تفطرتا من طول القيام، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه وسار على نهجه وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد: أيها الناس اتقوا الله تعالى وتفكروا لماذا خلقتم وبماذا أمرتم، إنكم خلقتم لعبادة الله وحده لا شريك له وبها أمرتم - قال الله تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ - مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ} [الذاريات: 56 - 57] وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 21] وقال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} [البينة: 5]
والعبادة: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأعمال والأقوال الظاهرة والباطنة وهي بهذا التعريف تشمل كل ما يصدر من العبد من الأعمال القلبية والبدنية والمالية المشروعة - حتى العادات تتحول إلى عبادات إذا قارنتها نية صالحة. فالنوم مثلًا إذا قصد به التقوي على الصيام أو على قيام الليل يكون عبادة، واتصال الرجل بأهله إذا قصد به التعفف عن الحرام