تعالى: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128] وقال تعالى: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ - يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [المائدة: 15 - 16] وقال تعالى: {يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا مَا جَاءَنَا مِنْ بَشِيرٍ وَلَا نَذِيرٍ فَقَدْ جَاءَكُمْ بَشِيرٌ وَنَذِيرٌ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [المائدة: 19] إلى غير ذلك من الآيات الواردة في رفعة شأنه وعلو مكانته، فما علينا إلا أن نقدر هذا الرسول العظيم حق قدره، أولا: بمعرفة ما كان عليه من جميل الخصال، وما قام به من جليل الأعمال، وثانيًا: بطاعته فيما جاءنا به من البينات والهدى، وما أمرنا به من مكارم الأخلاق إن كنا مؤمنين به ومحبين له فبذلك نحقق الغاية التي بعث بها ونثبت محبتنا له إذ لا قيمة لمحبة لا طاعة فيها للمحبوب.
وهنا يجدر بي أن أبين لكم بعض أخلاقه التي كان عليها فإنه عليه الصلاة والسلام المثل الكامل في مكارم الأخلاق فأقول: روى الترمذي في كتابه الشمائل المحمدية بسنده عن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما قال الحسين رضي الله عنه: سئل أبى عن سيرة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في جلسائه فقال: «كان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دائم البشر سهل الخلق لين الجانب، ليس بفظ ولا غليظ ولا صخاب ولا فحاش، ولا عياب ولا مشاح يتغافل عما لا يشتهي، ولا يؤيس منه راجيه، ولا يخيب فيه طالبه قد ترك نفسه من ثلاث: المراء والإكثار وما لا يعنيه، وترك الناس من ثلاث كان لا يذم أحدًا ولا يعيبه،