حكمة تشريع الجمعة والحث على أدائها الحمد لله الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.
أحمده سبحانه وأشكره على حلو نعمه ومر بلواه، وأستغفره وأتوب إليه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وكل من اهتدى بهديه إلى يوم الدين.
أما بعد: فيا عباد الله: اتقوا الله سبحانه واعلموا أن ديننا الإسلامي لم يترك شأنًا من شئون الآخرة، ولا أمرا من أمور الدنيا إلا بينه ووضحه، ومهد أصوله وفروعه، وإن من محاسنه - وكله محاسن - مشروعية الاجتماع في يوم الجمعة وفرضيتها على الأعيان ما عدا المرأة والمسافر والصبي والعبد والمريض وسكان البادية. وما أحلاه من اجتماع وأعظمه من شعار تتجلى فيه مظاهر الوحدة، ويتجدد فيه التعارف بين المسلمين، وتستعيد الروح فيه بهجتها وسرورها. هذا اليوم الشريف والعيد المبارك ما طلعت الشمس على يوم أفضل منه ففيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، وفيه تقوم الساعة، وفيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم قائم يصلي يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه. يوم دعيت إليه الأمم قبلنا فضلت عنه، وهدانا الله إليه، فاحمدوا الله - أيها المسلمون - وحققوا فيه ما دعاكم الله إليه في قوله: {فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ} [الجمعة: 9] والمراد بالسعي إلى ذكر الله الذي أمرتم به: هو الاهتمام بصلاة الجمعة، وما تتطلبه، وقصدها بخشوع وطمأنينة. وإياكم والتكاسل عنها فتعرضوا قلوبكم للطبع عليها بطابع قد لا