منزلتها في الإسلام: ازدهرت الخطابة في فجر الإسلام وكانت مدرسة الرسول صلى الله عليه وسلم الخطابية خير مدرسة بلغت رسالة الإسلام العظمى إلى أرجاء المعمورة قاطبة وكان من فرسانها الصديق والفاروق والإمام علي رضي الله عنهم ثم هؤلاء القادة المسلمون الذين دوخوا الأكاسرة والقياصرة.
ولقد بلغت الخطابة على عهد الخلفاء الراشدين أوج أهميتها، ولم تعد قاصرة على وقت الجمعة، بل أصبحت تلقى كلما دعت إلى ذلك حاجة، وكان لها من الأهمية ما يجعل الخطبة البليغة تسكن فتنة أو تنفي فرقة أو تهدئ ثائرة أو تثير حربًا يقوم لها الناس ويقعدون.
وكان موقف الخطابة موقفًا عظيمًا في نفوس الأئمة وفي نفوس السامعين حتى كان الخلفاء يقومون بها بأنفسهم، ولا يوكلونها إلى غيرهم في قواعد الملك وحواضره، وبقي الحال كذلك فترة طويلة من الزمن، ولم يتخل الخلفاء عن خطابة الجمعة إلا بعد وفاة الخليفة المأمون بن هارون الرشيد فقد كان آخر الخلفاء المجيدين للخطابة وقد حفظت كتب الأدب والتاريخ مجموعة قيمة من خطبه، وبعده أخذ الخلفاء ينيبون عنهم من يقوم بها، وظل شأنها منذ ذلك الوقت في إدبار، فكثير من الخطب لا تحيي في قلوب السامعين إيمانا، ولا توطد توحيدًا، ولا تفيد المؤمنين معرفة، ولا تذكرهم بأيام الله، ولا تبعث في النفوس محبة الله تعالى، ولا تثير فيها الشوق إلى لقائه بالجهاد أو الاستشهاد وكثيرًا ما يخرج السامعون كما دخلوا فإنا لله