فقال: {وَمَا عَلَّمْنَاهُ الشِّعْرَ [وَمَا يَنْبَغِي لَهُ] (?)} [يس: من الآية 69] وقال: {مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ} [القلم: 2] وزاد على الانتصار له بمدحه إيّاه فقال: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم: 4] وهدَّد مَن نسب إليه خلاف الصحة (?) فقال: {فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ (5) بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ} [القلم: 5 - 6] ولما قالت قريش: {إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ} [النحل: من الآية 103] و {إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ} [الفرقان: من الآية 4] دفع الله عنه ما قالوا وانتصر له وكذبهم وبكتهم وبكعهم (?) وأظهر حجَّته له عليهم وكسر حجتهم وأبطل دعواهم فقال سبحانه: {لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} [النحل: من الآية 103] وقال تعالى: {قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الفرقان: من الآية 6] في أمثال (هذا) (?) , وكمال هذه الأمور [ق 7/و] لم تحصل لغير نبينا - صلى الله عليه وسلم -.
فإن قيل: في قوله تعالى: {قَالَ نُوحٌ رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا} [نوح: من الآية 26] وأن الله سبحانه استجاب له فأغرق الأرض ومَن عليها دليل على أن نوحاً عليه الصلاة والسلام كان مُرسلاً إلى جميع أهل الأرض فكيف يقال: بأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - وحده أُرسِل إلى الناس كافةً , فالجواب: أن رسالة محمد - صلى الله عليه وسلم - عامَّة في جميع الأمكنة والأزمنة والأصناف , فإنه - صلى الله عليه وسلم - بُعث إلى جميع أهل الأرض إنسهم وجنِّهم ودعوته - صلى الله عليه وسلم - باقية إلى يوم القيامة لا يُبعث بعده نبي يَنسخ (?) شريعته , وهذه الخصيصة ليست لنوح عليه
الصلاة والسلام ولا لغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام , وقوم نوح عليه الصلاة والسلام إذا كانوا هم الذين أُغْرِقُوا فدعوته مختصة بهم لم تتناول مَن بعدهم من القرون ,