فإن قيل: قد أتيح لعيسى - عليه السلام - حواريون (?) كانوا أنصارَه وأعوانه , قد (?) ذكرهم الله تعالى ومدحهم بذلك في قوله سبحانه عن عيسى: {مَنْ أَنْصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنْصَارُ اللَّهِ} [آل عمران: من الآية 52 , الصف: من الآية 14] قلنا قد أعطي محمد - صلى الله عليه وسلم - أنصاراً قد أشرنا إلى ذكرهم وأنهم قالوا له: واللهِ لو أمرتنا أن نخيضها البحر لأخضناها (?) , وظهر من صدقهم ونصرهم إيّاه ومنعهم مَن أرادَهُ بسوء وإجلالهم له وتوقيرهم إياه وامتثال أمره أمورٌ يطول ذكرها ولا يمكن حصرها من خلوص الطاعة وصحّة النيّة وحسن المؤازرة وبذل النفوس في نصره ومجاهدتها في إقامة دينه , فإن الله امتحن قلوبهم للتقوى وكانوا لا يُحدّون النظر إليه إعظاماً له , ولا يرفعون أصواتهم عنده إجلالاً له وإكراماً , ولا يتنخم نخامة إلا ابتدروها يتمسّحون بها (?) ولا سقطت من شعره شعرة إلا تنافسوا فيها (?) حتى إن معاوية أوصى أن يدفن معه شعر من شعر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (?) , وشرب عبدالله بن الزُّبير محجمةً مِن دَمِهِ كان أمره أن يهريقها فأودعها جوفه (?) وكان إذا حضره من لا يوقّره ولا يعظّمه من جفاة العرب استأذنوه في ضرب عنقه [ق 33/و] كما لقي عروةَ بن مسعود يوم الحديبية من ابن أخيه المغيرة بن شعبة لمّا قَرَع يدَه بنعل السيف وقال له: أكفف يدك قبل أن لا ترجع إليك فرجع عروة إلى قريش
فأخبرهم بما